" إنني لم أعكر صفو حياتهم أبدا ، إنني فقط أخبرهم بالحقيقة فيرونها جحيما "
هاري ترومان الرئيس الأمريكي الأسبق

كثيرا ما سمعنا خلال ثورات الشعب العربي الأخيرة وهم يقولون لحُكامهم ( إلى مزبلة التاريخ ) لكن للأسف ليس للتاريخ مزبلة ، وهذا من سوء حظ هؤلاء الحُكام . لأنه لوكان للتاريخ مزبلة لرتاحوا من محاسبة التاريخ لهم ومحاسبة الأجيال القادمة على فسادهم حتى وأن لم يكونوا على قيد الحياة حينها .
أن للتاريخ صفحات ، فأما صفحات مجد ، وأما صفحات خزي وعار . وعلى بني الدنيا أن يختاروا في أي الصفحات يحبوا أن يكونوا . التاريخ عادل لا يمكنك أن تغيره بشطب بعض الأسطر من هذا الكتاب أو ذاك ، ولابد للبراهين أن تظهر مهما حاول البعض ـ لحاجة في نفسه ـ أن يخفيها ، وليس أدل من أحداث ما يُعْرَف بـ ( الهولوكوست ) وكيف هوَّلها اليهود وبالغوا في سردها ليستدروا بذلك عطف الجماهير في العالم ، وكيف حاربوا كل من حاول فضح حقيقتهم بمصادرة كتبه أو بسجنه ولا يتوانون حتى عن أغتياله وتصفيته جسدياً ، ورغم هذا نجد الأدلة تظهر ، وكتب كثيرة تثبت مدى كذب اليهود وتهويلهم لمحرقة هتلر تلك لهم ، التي طالما سردوها للجماهير مرارا وتكراراً وهم يذرفون دموع التماسيح .
أن التاريخ لا يمكنه أن ينسى الفاسدين ـ كما لم ينسى المخلصين ـ وما ذاك إلا ليقدم العبرة لمن يأتون من بعد أن كانوا يعتبرون ، فلو كان للتاريخ مزبلة فسيسعد الفاسدون والمستبدون والعملاء وسيتطاولون في بغيهم وغيهم ، لأن المزبلة تستدعي النسيان ، والتاريخ لا ينسى ، لأنه لا يمكن لأمة أن تنسى مآسيها ، ليس لتظل تبكي عليها وتتباكى ، وأنما لتشحذ بها عزائمها وهممها لتنطلق نحو مجدها وعزتها وكرامتها . وكما يقول المثل الصيني : ( البكاء ضرورة و لكنه ليس حلا ) .
إنَّ ما يُسَجْل اليوم كحدثاً ، يصبح في الغَدْ تاريخاً ، وسيذكر التاريخ كيف حطمت ارادة الشعب العربي قيود الذل والهون ، تلك القيود التي لم تكن إلا محض خيوط ـ كخيوط العنكبوت أو هي أوهن ـ كانت تقيد عملاق طالما خضع له الزمان و ركع . وكيف أنها أسست مجدها الجديد ـ بإذن الله وعونه ـ بسواعد أبنائها وأرادته الحرة وليس بإرادة بعض العسكر ، وليس بإرادة أحزاب أو أنقلابات تطالبُ بحقٍ ما أردتْ به إلا باطل .
ما من ثورة أو معارك هدفها بلوغ ذرى المجد والعزة والكرامة إلا ولها ضريبة ، فلابد لكل مجد من ضريبة ، وضريبة مجد الأمة هي دماء ابنائها قُرْبَاناً ليرضخ لهم الزمان ، وما خُلِقَتْ صدور الرجال لعناقِ الغواني والخود وإنما لتكونَ درعاً يحمي الوطن من كل معتدٍ غاشم وأن لبس ثوب الوطنية وتشدق بها ، و أنْ أبطنَ فساده حتى تمكن فصار أشر وأعتى على الشعب من عدوهِ وأنَّ ( اشقى الولاة من شقيت به رعيته ) .
والأرادة الصادقة تُحطم كُلَّ مستحيل ، وتحطم كُلَّ القُيُود ، وتدكُ كُلَّ الأسوار . أنَّ صاحب الحق أن ثار ، فأنه يطلق الرعب في قلب الظالم ، لأن الحق سيف بتار لا ينهزم ولا يفل ولا يلين .
إنْ كانَ للمرءِ عزمٌ في إرادتهِ ** فلا الطبيعةُ تثنيه ولا القدرُ
وأخيرا ...
كل إنسان في الوطن عليه أن يكتب تاريخهُ المُشرف ، فالأمر ليس مقصوراً على الحُكام و الساسة والعسكريين ، كل إنسان في الوطن هو لبنة مهمة في بناء الوطن ، و لابد عليه أن يكون قويا ، حتى لا ينهار بناء الوطن من جانبه .
يقول اديسون : ( الآمال العظيمة تصنع الاشخاص العظماء ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق